مرّ زمن على رحيله (أربعة عشر عاماً)، وما زالت صورة ذلك «الأخوت» حاضرة في الأذهان. يقف هناك على المسرح، يحيّي الجمهور بسخريته المحببة، قبل أن تدخل والدته أم حسن (الراحلة علياء نمري)، ليشتعل حوار لا تغيب عنه النكتة الطريفة المغلّفة بقالب من كوميديا سوداء، لطالما رفعها شعاراً لمسرحه.
بدأ نبيه أبو الحسن (1934) حياته المهنية أستاذاً للرياضة في إحدى مدارس عاليه ثم في طرابلس. وفيما كان يراسل إحدى الجامعات المصرية، قدّم على مسرح الضيعة بعض الاسكتشات بمشاركة فرقة هواة من أبناء القرية. لم يخطط للاحتراف، فبين التدريس والعمل في أحد مصارف بيروت، لم يجد وقتاً لدخول الفن من بابه الواسع. الصدفة وحدها قادته إلى استديوات الإذاعة اللبنانيّة إثر انصرافه إلى الصحافة المكتوبة. يومها، اكتفى بأدوار صغيرة، قبل أن يشارك في إحدى مسرحيات فرقة منير أبو دبس، ثم مع شكيب خوري على مسرح الجامعة الأميركيّة، فمسرحيّة «الفرمان» لناديا تويني، وتقاسم بطولتها مع شوشو.
لكن اللقاء الفعلي مع شوشو، لم يبدأ إلا مع مسرحية «اللعب عالحبلين». ثم قدّم أبو الحسن مع ريمون جبارة وبيرج فازليان مسرحيّة «لعبة الختيار» قبل أن يؤدي شخصيته الشهيرة في مسرحيّة «جحا في القرى الأماميّة» حيث أدى للمرّة الأولى دور «الأخوت». لهجته الشوفية التي استقاها من مسقط رأسه بتخنيه، أوحت له بتلك الشخصية التي حققت نجاحاً مدوياً. وإذا به يقدمها في مسرحيات عدة، منها «نابليون وأخوت شناي» و«الشاطر حسن» (إخراج بيرج فازليان) و«أخوت شناي في الجبهة» (إخراج ريمون جبارة). كما جسدها في التلفزيون مع الكاتب أنطوان غندور في مسلسل «أخوت شناي» وفي مسلسل «كانت إيام» للمخرج باسم نصر.
هكذا استمرت رحلته تصاعديّة، إلى حين أشعلت «أخوت شانيه ونابليون» أول أعمال مسرحه الخاص، الجمهور في عرضها الأول. ومعها، غدا مسرحه مقصداً للجميع: خاطب ذلك الأخوت الشعب بجميع طبقاته وأمزجته، كما نجح في انتزاع ضحكات الأدباء والمثقفين الذين وجدوا في مسرحه الشعبي، متنفّساً حقيقياً للمواطن وهمومه. القدر الذي ابتسم طويلاً لنبيه أبو الحسن، لم يمهله تقديم آخر مسرحياته «أخوت السلام» فتوفي في حادث سير غامض على طريق أدونيس (شمال بيروت)، في 2 تشرين الثاني (نوفمبر) 1993، ليقدم المسرحية من بعده شقيقه محمود.
عن جريدة الاخبار