لا تلبث هذه اللعنات تثير الرعب وتنشر الدمار مخفيّةً كانت أم ظاهرة للعيان… معها وبها فقدنا الأمان وبتنا نخرج من منازلنا غير عارفين إن كنّا سنعود بسلامةٍ أم بنعشٍ محمّلين…
من يحمينا منها؟ ألقادة أم الجنود؟
من يحمينا بينما صار تدمير حياة الناس مجرّد رسالة؟
شباباً كانوا أم عجّاز، أو حتى أطفالاً، النار لا تفرّق بل تلتهم كلّ شيء!
غريبٌ أمر هذه الرسائل التي تحتلّ العناوين الرئيسيّة، في وقتٍ يعجز الجميع عن معرفة هذا المرسل القابع في ظلمة القبور، العاشق للدّم والخراب… أمّا المستلم فمجموعات وأحزاب وتيّارات، لا بل شعبٌ بأكمله إن لم نقل كلّ سكّان الأرض!
ومن يدفع ثمن الإستلام؟
من يدفع؟!
المساكين! نعم المساكين!
لا شكّ أنّهم أعطوا لكلّ شهيدٍ لوناً وألبسوه انتماءً، ولولا العلم اللبناني الملفوف على نعشه الطاهر نكاد ننسى من أين أتى ومن هي الأرض التي حبلت به!
نعود إلى أمثالنا الشعبيّة “العترة على اللي بيموت”…
إنّه لأمرٌ مقزّزٌ حقّاً… ماذا سنقول أمام الله يوم يسأل في ملئ رحمته عن هؤلاء؟ هل نقول أنّ هذه الإنفجارات وهذا الدمار إنّما هو صوت طقطقة “المحاور” المتصارعة وهي تطحن شبابنا وشيبنا الواحد تلو الآخر؟
كيف يفسّر العقلاء صمت هذا القاتل أو هؤلاء القتلة لأيّامٍ كثرة (حمداً لله)، ليستيقظوا بسحر ساحر أو بأمر حاقد ليفجّروا البريد بمن فيه؟!
نحن أذكياء! نبرّر عجزنا بمعرفة عمق الحفرة وعرضها، وبقياس وزن العبوة وقدراتها التفجيريّة… لكن ماذا بعد؟
نحن من كبار المحلّلين، وكلٌّ منّا يحلّل على هواه ويتّهم من يريد أو من يكره!
أنا لا ألوم أحداً، فالذين يكرهونا لا يمكن إحصاؤهم، والذين يحيكون لنا المؤامرات في وعيهم ومنامهم أكثر من أن يتصوّرهم عقلٌ محدود!
متى سنؤمن حقّاً بهذا البلد حتى “نأمر الريح” بدلاً من أن تأخذنا على هواها إلى حيث يريد الآخرين؟؟!