هذه الجملة ليس لها أي مدلول سياسي فهي تعبر عن استياء المصريين الشديد من الضوضاء، فالقاهرة بها أكثر من 18 مليون نسمة وملايين السيارات التي يستخدم فيها السائقون جهاز التنبيه عادة بسبب و بدون سبب.
"كل لما أكلم حد يقول لي انت ليه بتزعق؟"، هذا هو ما قاله صلاح عبد الحميد صاحب محل صغير للحلاقة، الذي قال هذا الكلام وهو يصرخ بالطبع!
عند الساعة الرابعة بعد الظهر في منطقة روض الفرج بالقاهرة الشارع مزدحم جدا بالناس والمحلات والسيارات وسيارات النقل والأتوبيسات وعربات الكارو، وهناك صوت الناس تصرخ من أجل الحصول علي قوت يومهم في دولة يشعر اغلب سكانها بأنهم حكومتهم لا تشعر بهم
ونحن هنا لا نتحدث عن ضوضاء عادية بل إن العلماء وصفوا الحياة في مصر كأنها الحياة بداخل مصنع.
"الدوشة هنا هتموتنا" هذا هو ما قاله عصام حسين و هو يجلس علي كرسي بلاستكي قديم أمام المطعم الصغير الذي تمتلكه عائلته.
وعصام كان يصرخ بصوت مرتفع جدا و هو يشتكي من الضوضاء!!!
وأضاف عصام" طيب احنا هنعمل ايه و ايه هو الحل؟"
"الدوشة بتضايقني و بتضايق الناس جدا" هذا هو ما قاله سائق التاكسي محمد عبد الخالق و هو يضغط علي "كلاكس" سيارته لتنبيه المارة.
وعندما سألناه لماذا يقوم بذلك قال انها الطريقة الوحيدة لتنبيه الناسّ!!
ويضيف التقرير ان القاهرة ليست مثل نيويورك او لندن أو حتى طهران، فالضوضاء في القاهرة مثل الحياة بجانب جرار طوال الوقت حسبما صرح الباحثون بالمركز القومي للبحوث الذي درس الضوضاء في القاهرة لمدة خمس سنوات.
اضاف الباحثون ان الضوضاء في القاهرة تصل حدتها هذا العام الي 85 ديسيبل (وحدة قياس ضدة الصوت) وهذا يزيد عن الضوضاء التي تصدرها بعض القطارات.
ويشير التقرير إلى ان 85 ديسيبلات هو متوسط شدة الضوضاء في القاهرة حيث يزيد في بعض المناطق وفي بعض ساعات النهار، فتوجد أماكن مثل ميدان رمسيس و ميدان التحرير و شارع الهرم يصل فيها معدل الضوضاء الى 95 ديسيبلات وهذا معدل من الصعب علي الجنس البشري تحمله.
وللمقارنة فإن صوت المحادثات بين شخصين يصل مداها ما بين 45 و 60 ديسيبل وصوت المنشار الكهربائي يصل الي 100 ديسيبل وصوت الطلق الناري يصل الي 140 ديسيبلات.
وقد يؤدي ارتفاع الضوضاء في القاهرة إلى العديد من الأمراض مثل ارتفاع ضغط الدم.
وتقول الصحيفة ان الضوضاء تؤدي كذلك إلى نوم غير منتظم وان هذا هو أكثر شيء يضايق المصريين.
ويؤكد التقرير أن الهدوء مفقود في القاهرة وخاصة في الأحياء المزدحمة مثل روض الفرج التي تعج بالضوضاء 24 ساعة يوميا وأصوات المواطنين الذين يتصارعون من أجل الحصول على القوت اليومي، ففي خلال ستة أسابيع توفي أكثر من 11 شخص في طابور العيش.
المصدر: صحيفة نيويورك تايمز.
نيويورك تايمز: ضوضاء القاهرة يصعب على الجنس البشري تحملها